ليس على وجه الأرض من يشتاق إلى رؤية هذا الكوكب وقد تحول إلى كتلة من اللهب والرماد، ويسعى إلى هذه النهاية المرعبة بكل جِدٍّ وعلانية، ويبشر بها بين الناس مستخدماً أحدث وسائل الإعلام تطوراً إلا في أمريكا.
فهنا فقط نجد منظمات أصولية يبلغ بها التطرف حداً لم يصل إليه أكثر الإرهابيين جنوناً وتهورا من أي بلد آخر، ومع فوارق أخرى مهمة فالأصوليون في أمريكا لهم تأثير سياسي هائل وأتباع يعدون بالملايين بل بعشرات الملايين، ويعملون تحت سمع وبصر الحكومة والقانون والشعب كله، ولا يخفون عداوتهم لكل من يخالفهم من الناس، وهم للحكومة فيما تخالفهم أشد عداء، بل إن لبعضهم نظريات عن الحكومة الفيدرالية يصعب على كثير من المثقفين أن يصنفها ضمن دائرة المعقول، وكل عقائدهم وأفكارهم تنبثق من عقيدة واحدة هي الإيمان بالمعركة الجهنمية الرهيبة هرمجدون، وكل طقوسهم وأنشطتهم تتجه لإشعال هذه المعركة، يستبشرون بكل حرب تقع في الدنيا لا سيما في شرق البحر المتوسط، وكلما كانت أكثر دماراً وأعظم آثاراً كان رجاؤهم أقوى أن تكون هي هرمجدون أو مقدمة لها، وإذا سمعوا نبأ مفاوضات أو خطط سلام أصابتهم الكآبة وسيطر عليهم الإحباط، وجندوا كل وسائلهم لإقناع الحكومة الأمريكية بالعدول عنها، وسعوا بكل وسيلة لإبطالها.
إن تشوقهم لدمار هذا الكوكب مؤسس على أنهم سوف يرفعهم المسيح إلى السحاب حتى يحترق العالم من تحتهم.
من دون كلل أو خوف من النقد يجتهدون في افتعال رموز من الكتاب المقدس وتنـزيلها على الوقائع والأحداث سنة بسنة، بل شهراً بشهر؛ بل يوماً بيومٍ، وكلما اخطأت محاولة أعادوا الكرة مرات إلى ما لا نهاية، ربما لا يوجد بين ملايين المواقع على الشبكة العالمية الإنترنت ما هو أكثر إثارةً وأغرب موضوعاً من مواقعهم التي لا تحصى!
نتيجة لجهودهم يعتقد (40%) من الأمريكيين أن نهاية العالم سوف تكون في معركة هرمجدون ويعتقد (20%) منهم أن هذه النهاية ستقع في حياتهم.
بالرغم من عشرات الحوادث سنوياً ينفذها أتباعهم أو يسعون لتنفيذها داخل أمريكا، وتتراوح ما بين السطو على البنوك وتفجير المؤسسات الفيدرالية، ونسف الجسور، وتدمير المنشئات الحيوية، فهم جزء من الثقافة الأمريكية، ويمثلون المحافظة على القيم الأمريكية، ويحاربون بكل قوة الفكر الليبرالي المضاد.
وإذا قبضت الشرطة على الجاني منهم حوكم هو نفسه فقط دون أن يمتد اللوم إلى التيار والفكر اللذين أنتجاه..!!